قانون الملكية الجديد في الضفة: بوابة لـ"شرعنة" الاستيطان وفرض السيادة

قانون الملكية الجديد في الضفة: بوابة لـ
تقارير وحوارات

غزة/ دعاء الحطاب:
يمضي الاحتلال الإسرائيلي في خطوات متسارعة لترسيخ الضمّ الفعلي للضفة الغربية، عبر تفكيك ما تبقّى من الأطر القانونية القائمة فيها منذ الحقبة الأردنية. فقد مثّل التصويت بالقراءة الأولى في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست على مشروع قانون يُلغي "قانون الإيجار والبيع الأردني" لعام 1953، والذي يرى فيه المستوطنون "قيوداً" تحد من قدرتهم على الاستيلاء على أراض وعقارات في مناطق "أ" و "ب" و"ج". 

 

وتأتي هذه الخطوة ضمن مسار منسّق يهدف إلى توسيع السيطرة الاستيطانية وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الأرض الفلسطينية، عبر إزالة القيود التي اعتبرها المستوطنون عقبة أمام التملك والتمدد العمراني في المستوطنات.

 

وصادقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، الثلاثاء الماضي، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يتيح للمستوطنين شراء عقارات في أي منطقة بالضفة الغربية بشكل مباشر دون المرور عبر الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، ما يشكل خطوة متقدمة في مخطط ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

 


وبحسب نص المشروع، فإن القانون الجديد "يلغي القانون الأردني المتعلق بتأجير وبيع العقارات للأجانب" الذي يسري في الضفة الغربية منذ عام 1953، ويمنع التملك لمن ليس أردنيا أو فلسطينيا أو من أصل عربي.

 


ويهدف المشروع أيضًا إلى إلغاء الوضع القائم الذي لا يسمح للمستوطنين بشراء أراض فلسطينية إلا عبر شركات مسجلة في "الإدارة المدنية"، الذراع التابعة لوزارة جيش الاحتلال في الضفة، ويفتح الباب أمام التملك الفردي المباشر للمستوطنين.

 

ويحمل القانون الجديد اسم "إلغاء التمييز في شراء العقارات في يهودا والسامرة"، لسنة 2023، وقد تقدم به أعضاء الكنيست موشيه سولومون، ليمور سون هار ميليخ، يولي إدلشتاين ومجموعة أعضاء كنيست. وقد أيّد الاقتراح أربعة أعضاء كنيست دون أي معارضة.

 

وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن، عضو الكنيست بوعاز بيسموت، إن "اقتراح القانون المعروض علينا يُعزز ضم الضفة الغربية، ولا يوجد سبب يمنع اليهودي من شراء أرض في الضفة"، مضيفًا "من مسؤوليتنا كأعضاء في الكنيست وكدولة أن ندعم الاستيطان".

 

تغير جوهري


المحلل السياسي والمختص في شؤون الاستيطان سهيل خليلة، أكد أن مصادقة لجنة الخارجية والامن بالكنيست على مشروع قانون يفتح الباب أمام المستوطنين لشراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة، يعد تغييرًا جوهريا في منظومة السيطرة وتمهيدا فعليًا لضم أجزاء واسعة من الضفة.

 

وأوضح خليلية لـ "الاستقلال"، أن الاحتلال يسعي من وراء القانون إلى تحويل التملك الفردي للمستوطنين إلى أداة سياسية لفرض وقائع جديدة على الأرض.

 

وبين أن القانون يستهدف المناطق المصنفة (ج) بالدرجة الاولى، ويمتد إلى المناطق المصنفة ( أ، ب)، منوهاً إلى أن "إسرائيل" في عام ١٩٦٧ أوقفت كل عمليات تغير ونقل الملكيات، مما أدى إلى ابتلاع جزء كبير من العقارات والأراضي في المناطق (ج) تحت تصنيفات مشاع بين الورثة.

 

وأضاف أن القانون سيفتح المجال أمام الجمعيات النظامية والمستوطنين لشراء حصص مشاعيه سواء بشكل رسمي أو وراثي بمختلف مناطق الضفة، مستدركاً:" لكن الخطير في الموضوع أن حصة الفرد تشع ليس فقط لعائلته القريبة إنما تمتد إلى كل من له صله به، وبالتالي يسهل عمليات الاستيلاء على مساحات شاسعة".

 

ونوه إلى أغلب أراضي الضفة الغربية لم تخضع لعمليات تسجيل طابوا، وتعتبر أملاك عامة، وبالتالي من السهل توريثها أو الاستيلاء عليها من قبل مسميات شخصية أو تحت ما يسمي بـ" أملاك غائبين"، عبر التلاعب القانوني وتحويل الملكية من أملاك غائبين الى أسماء شخصيات من المستوطنين.
وذكر أن 70% من أراضي الضفة الغربية المسماة (ج)، تُعرف على أنها أملاك عامة أو أملاك دولة، مما يفتح الباب على مصراعيه للسيطرة والاستيلاء على مختلف أنحاء الضفة.

 

اعتداء تشريعي

 

في حين، أدان رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، مصادقة لجنة الخارجية والامن في الكنيست على مشروع قانون يفتح الباب أمام المستوطنين لشراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة.

 

واعتبر فتوح في بيان له أمس، ذلك اعتداء تشريعيا يستهدف تفكيك البنية القانونية القائمة وتحويل السيطرة الاستيطانية إلى منظومة ملكية منظمة تمهد لضم فعلي لأراضي واسعة من الضفة الغربية.

 


وأكد أن المشروع يشكل انقلابا على القانون الدولي وعلى الوضع القانوني للأراضي المحتلة ومنتهك القرارات الدولية، خاصة أنه يلغي التشريع الاردني النافذ منذ عام 1953 المتعلق بتنظيم بيع وتأجير العقارات لغير الفلسطينيين والعرب، وبهذا الالغاء يصبح تمليك المستوطنين اداة سياسية يتم تمريرها عبر مسار اداري وتشريعي يهدف الى توسيع الاستيطان وشرعنته وتثبيت حضور استعماري دائم.

 

وأضاف أن تمكين المستوطن من التحول إلى مالك مباشر يعمق سياسة الاقتلاع ويخدم خطة ممنهجة لنزع الوجود الفلسطيني وهو ما يصنف كفعل عنصري تتوفر فيه عناصر التهجير القسري ومكونات التطهير العرقي.

 

وشدد على أن هذه الخطوة تتعارض مع الموقف المعلن للإدارة الأمريكية ومع الاجماع الدولي الرافض لأي اجراء من شأنه أن يغير الوضع القانوني للضفة الغربية أو يمهد لضمها.

 

وطالب فتوح المجتمع الدولي، والمنظمات البرلمانية والحقوقية، بوقف هذا التشريع قبل دخوله حيز التنفيذ، والعمل على مساءلة سلطات الاحتلال عن سياساتها التي تستهدف تفريغ الارض من اصحابها الحقيقيين وتقويض فرص الحل العادل للقضية الفلسطينية.

 

ودعا البرلمانات الدولية والقارية ومنظمات حقوق الإنسان إلى كشف مخاطر هذا المشروع بوصفه جزءا من مسار سياسي يسعى لكسر القواعد القانونية التي تحمي حق الفلسطينيين في أرضهم.

 

خرقًا للقانون الدولي

 

وبحسب حركة "سلام الآن"، فإن مشروع القانون يحمل طابع الضمّ ويشكّل خرقًا للقانون الدولي ويقود إلى خمسة تداعيات مركزية.
وقالت الحركة إن القانون يُعدّ "سَنًّا لقانون إسرائيلي يطبَّق على منطقة ليست ضمن السيادة الإسرائيلية"، ما يعني تطبيق قانون الاحتلال على سكان ليسوا مواطنين ولا يملكون حق التصويت.

 


وأشارت الحركة إلى أن البند الثاني في المشروع، الذي ينص على أن "كل شخص يحق له شراء حقوق في أراضٍ في المنطقة"، هو بند تشريعي سيادي ينطبق على أرض محتلة، الأمر الذي يخالف القانون الدولي.

 


وذكرت بأن السماح بالتملّك الفردي يلغي الحاجة إلى التراخيص التي يخضع منحها لوزير الحرب، ما يعني أن مستوطنين أفرادًا قادرون على "فرض وقائع سياسية وأمنية جديدة"، وعلى الجيش لاحقًا توفير الحماية لها.

 


وشددت الحركة على أن إلغاء الفحوصات التي ترافق ما يُسمّى "إذن الصفقة" يفتح الباب أمام "استحواذ على أراضٍ بادعاءات شراء غير محققة"، مشيرة إلى تزايد محاولات الاستيلاء تحت غطاء "سندات ملكية فردية".

 


ويقدر أن نحو 65 ألف دونم جرى الاستحواذ عليها عبر شركة "هيمنوتا" التابعة لـ"كيرن كييمت ليسرائيل" بتنسيق مع جهات رسمية، إضافة إلى 10 آلاف دونم نُقلت ملكيتها لإسرائيليين عبر "إذن صفقة"، إلى جانب "عشرات آلاف الدونمات التي يدّعي مستوطنون أنهم اشتروها"، دون إثباتات مكتملة أو اعتراف رسمي. 

التعليقات : 0

إضافة تعليق